مقابلة مع الفنان التشكيلي الموهوب عادل رحومي، يأخذنا بلوحاته المعبرة ذات الألوان الزاهية إلى عالم آخر، كان معه هذا الحوار حصرياً لمجلتنا

كما يعرف أن الفن التشكيلي هو كل شيء يؤخذ من طبيعة الواقع ويصاغ بصياغة جديدة، ما هو تعريفك للفن التشكيلي؟

الفن التشكيلي هو كما ذكرت في بعض الأحيان وفي أحيان أخرى يقوم بمحاولة خلق واقع جديد لا نجده في الطبيعة حيث أنه يركز هلى الفكرة والرمز أكثر من تركيزه على العناصر المألوفة التي نراها حولنا.

كيف اكتشفت موهبتك وبأي عمر؟

كنت منذ طفولتي مولعاً بالألوان وكانت أحب الهدايا إلى نفسي تلك المتعلقة بالرسم والتلوين . في الصف الأول المتوسط لاحظ مدرس الرسم في مدرستي شغفي بالرسم فطلب مني أن أمكث بعض الوقت معه في المرسم لكي أبدأ بصقل موهبتي قليلاً وبعد وقت قصير أبلغني بأنه رشح إحدى لوحاتي للإشتراك في مسابقة دولية لرسوم الأطفال نظمتها وقتها هيئة اليونسكو في العاصمة اليابانية طوكيو ... كانت المفاجأة بفوزي بالمركز الأول مشاركة مع طفل من أمريكا الجنوبية . منذ ذلك اليوم أصبح الرسم محور
حياتي الرئيسي.

هل كان الرسم بالنسبة لك موهبة طورتها بمجهود شخصي أو بالدراسة؟
هي موهبة طورتها بالممارسة وبزيارة المعارض والمتاحف.

كيف كانت بداياتك مع الفن التشكيلي؟  
منذ بدأت الرسم وأنا أتبع المنهج التشكيلي والتعبيري في أعمالي.

من ماذا تستوحي لوحاتك؟
من الأحداث والممارسات اليومية سواء لأحداث شخصية تتعلق بدواخلي الخاصة أو للأحداث الجارية حولي سواء كانت سياسية أو إجتماعية .... لوحاتي هي إسقاطات مباشرة لما أشعر به لحظة الرسم وتوثيق للحدث الأهم الذي يتفاعل حولي حينها.

ما هي الألوان التي تستخدمها؟

تعودت إستخدام كل أنواع الألوان من زيت وأكريلك وباستيل وألوان مائية وغالباً ما أمزج اكثر من نوع في اللوحة الواحدة بالإضافة لإستعمالي لمواد أخرى كالخشب والورق المقوى والقش والقماش ...إلخ

ما الذي تريد طرحه من خلال لوحاتك؟
أحاول تناول المواضيع الإجتماعية والسياسية وطرح حلول لمشاكلها من خلال توثيقها وتسليط الضوء عليها في أعمالي.

ما مدى قدرة اللوحة الفنية على إعطاء هوية لكل فنان تشكيلي؟
أعتقد أن العكس هو الصحيح فالفنان هو من يعطي هوية للوحة الفنية حيث لو كان الأمر كما ذكرت سيضع الفنان نفسه في قالب واحد لا يتغير فيفقد مساحة كبيرة من حرية التعبير ويتقولب في قالب واحد .. وهناك العديد من الفنانين يتبعون ذلك ولكن في رأيي يفقدون بذلك الكثير من آفاق الإبداع والتجديد.

يوجد عدة مدارس في الفن التشكيلي، ما هي المدرسة التي تنتمي إليها؟
أحاول عدم التقيد بأسلوب واحد أو مدرسة فنية محددة لإعطاء نفسي مساحة أكبر من الحرية في عملي .. برغم ذلك فأني أميل إلى التوجه التعبيري في أعمالي بسبب أن معظمها تحكي قصة محددة في ذهني أعبر عنها بما أراه مناسباً من رموز وإسقاطات تشكيلية.

ماذا يميز كل فنان عن الآخر؟
بالنسبة لي، الفن بحد ذاته هو حالة إبداعية شديدة الخصوصية لكل فنان .. من الصعب مقارنة الأعمال الفنية بعضها ببعض حتى في حالة تشابه الأسلوب أو المدرسة المتبعة لكل فنان .. أرى أنه من الأوقع التمييز بين الأعمال المختلفة للفنان الواحد وليس بين الفنانين المختلفين.

لفت إنتباهي أن للوحاتك قاسم مشترك من حيث الألوان والتركيز على الأشكال الهندسية خصوصاً الدوائر والمربعات في رسم الوجوه والأشخاص، أخبرنا عن طريقة رسمك؟
دائماً ما يشغلني في أعمالي معالجة المساحات وخلق تكوينات متناغمة تتكامل معاً لتوضيح الفكرة الأساسية للعمل ..لست بصدد رسم الأشياء أو الشخوص كما هي في الطبيعة حيث أنني أجد ذلك يفتقد التحدي في خلق واقع جديد أحاول صياغته من خلال أعمالي .. فدائرة بسيطة وبعض النقاط تعطي المشاهد الإحساس بأنه ينظر إلى وجه شخص وعند إضافة قليل من الخطوط الأخرى يدرك المتلقي بأن الشخص قد يكون إمرأة ... وبما أن هذه المرأة ليست أساس اللوحة وإنما جزء بسيط من ما أحاول إيصاله كفكرة فلا داعي إذاً بأن ترسم بكل تفاصيلها المعروفة لدى المشاهد.

أقرب لوحه إلى قلبك؟ وأفضل عمل أنجزته؟

لا أستطيع الإجابة بصدق على هكذا سؤال .. فهي كلها أعمالي وطالما ذيلتها بتوقيعي أصبحت جزء لا يتجزأ مني ومن نتاجات فكري. قد تكون مواضيع بعض الأعمال أقرب إلى قلبي من غيرها ولكن في النهاية أعتز بكل اللوحات التي قمت بإنتاجها في رحلتي.  

كم تستغرق من الوقت لأنهاء لوحاتك، وهل هناك فترات معينه تفضل فيها الرسم؟
دائماً أفضل العمل خلال الليل حين تقل المنغصات الحياتية كأصوات السيارات ورنين الهاتف أو جرس الباب .. إلخ ... أما عن الوقت الذي أستغرقه لإنهاء لوحاتي فهو يتفاوت بشكل كبير تبعاً لعوامل عديدة كحجم اللوحة وتعقيد الموضوع ونوع الأصباغ المستعملة .. فقد يتراوح بين اليوم الواحد وعدة أسابيع.

الفنان التشكيلي المفضل لك؟
من الرواد أحب أعمال بيكاسو وبراك وجاسبر جونز وجاكسون بولاك وماتيس وغيرهم الكثير ومن رواد العرب أحب أعمال جواد سليم ومحمود سعيد وجاذبية سري وآخرين لا يسعني سردهم. بصورة عامة فأنا عاشق للفن التشكيلي ولا يمكنني تفضيل فنان على آخر فكلهم مبدعين وكلهم مفضلين لي.

هل تأثرت بتقنية أي فنان تشكيلي؟
بما أنني لم أدرس الفن التشكيلي أكاديمياً فلا يمكنني الجزم لأي تقنية معينة قد تأثرت بها .. مما لا شك فيه تأثري بمجموعة من التقنيات المتداخلة سواء في طريقة معالجة الفراغات أو إبراز المساحات اللونية على حساب أخرى أو حتى إختياراتي للألوان ، ولكن من الصعب تحديد أي الفنانين التشكيليين تأثرت به مباشرة.

ما هي هواياتك غير الرسم؟

أحب القراءة والتصميم الإعلاني ومشاهدة كرة القدم وأعشق السينما.

إنطباعك عن المعرض الشخصي الثاني لك في الأسكندرية؟ وهل سيكون هناك معارض آخرى قريباً؟ 
كان معرضاً ناجحاً إستمتع خلاله الحضور بمشاهدة اللوحات وتذوق أصناف المقبلات الرائعة التي أعدتها زوجتي العزيزة نرمين هنو .. كما تخلل أول أيام المعرض إقتناء الحضور لعدد لا بأس به من اللوحات والإستفسار عن معاني العديد منها. بعد إنتقالي إلى القاهرة خلال شهرين سأقوم بتنظيم معارض أخرى هناك حيث الفن الحديث أكثر إنتشاراً ورواجاً.
 

 هل ستقيم معارض في دول آخرى؟
هناك في الأفق أفكار لتنظيم معارض أخرى في دبي وأوروبا والولايات المتحدة.

هل من الممكن لأي شخص أن يتعلم الرسم بدون وجود الموهبة؟
بالتأكيد يمكن لأي شخص أن يتعلم الرسم سواء أكانت لديه الموهبة أم لا وهذا لا يعني أن يصبح فناناً خلاقاً وإنما قد أعتبره حرفياً جيداً فالفنان الحقيقي هو من يجمع ما بين الحرفة والفكر.

ما هي نصيحتك لأي شخص لديه موهبة الرسم ويحب أن ينميها؟
طالما لدى الشخص الموهبة والرغبة فنصيحتي الصادقة بأن يعمل على تنميتها بكل الأساليب المتاحة من دروس الرسم وزيارة المعارض والمتاحف وفتح الصفحات الفنية على الإنترنت والإشتراك في دور ومراكز الثقافة والفنون .. كل ذلك سيعمل على تطوير الموهبة بشكل كبير وحتى إن لم ينجح الشخص في العمل كفنان فأن وجود موهبة كالرسم تساعدنا على قتل الملل وتشغل أوقات الفراغ بشكل إيجابي ومفيد.

رؤيتك لمستقبل الفن التشكيلي في العالم العربي؟

في العالم العربي مواهب رائعة والحركة الفنية في بعض دول المنطقة تشهد إزدهاراً كبيراً كما هو الحال في دولة الإمارات والبحرين ولبنان .. ولكننا في حاجة لحريات أكثر وإنفتاحاً أكبر وأوسع على التجارب العالمية لنتكن من مواكبة العصر والدخول من أوسع الأبواب  في هذا العالم الرائع فالمواهب العربية كثيرة وكل ما تحناجه هو التشجيع ومنحها حرية التعبير بصدق.